الجدل القانوني حول دورية “نارسا” لمراقبة سرعة الدراجات النارية

أعادت دورية الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا)، الخاصة بمراقبة سرعة الدراجات النارية، النقاش القانوني إلى الواجهة. فبين الرغبة في تعزيز السلامة الطرقية وضبط المخالفات، يُثار سؤال جوهري: ما حدود ما يمكن فرضه بدورية إدارية، وما الذي يحتاج لنص تشريعي صريح؟
أولاً: ماذا تُلزِم به الدورية؟ وما سندها؟
وفق قراءة قانونية متداولة، تُعد الدورية وثيقة تنظيمية داخلية لتأطير عمل الأعوان، ولا ترقى إلى قوة القانون أو المرسوم أو القرار الوزاري المنشور في الجريدة الرسمية. لذلك، يُتحفّظ على إلزام السائق بالصعود على دراجته لإجراء اختبار السرعة بواسطة جهاز تقني، ما لم يوجد نص أعلى يجيز ذلك بوضوح.
قاعدة عامة: لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص — فصل 3 من القانون الجنائي.
ثانياً: إذا رفض السائق الصعود لإجراء الفحص؟
تزداد الإشكالية حين يرفض السائق الصعود إلى دراجته لإجراء الاختبار. لا تُصرّح الدورية باعتبار الرفض مخالفة قائمة بذاتها، كما أن المادة 94 من مدونة السير تحصر حالات الحجز بشكل مُغلق، ولا تُدرج ضمنها حالة الرفض هذه. بالتالي، أي حجز مبني على هذا السبب قد يُوصَف بالتجاوز وغير المؤسس على نص.
ثالثاً: من يتحمّل المسؤولية أثناء الفحص؟
يفتح الإلزام بالصعود أثناء المراقبة باباً لمسؤولية محتملة: ماذا لو وقع حادث خلال الاختبار؟ غياب نص يُحدّد الإجراءات والضمانات بدقة قد يضع الإدارة أمام مساءلة موضوعية حول سلامة العملية وكيفية إجرائها.
رابعاً: ما الذي يَكفي قانوناً لإثبات الامتثال؟
تسليم الوثائق القانونية عند التوقيف يُحقّق مقتضيات الامتثال كما جرى به العمل. أمّا المتابعات المبنية حصراً على رفض الصعود، فتبقى محلاً للطعن القضائي استناداً إلى مبدأ الشرعية.

خامساً: ما الطريق إلى تنظيم متوازن؟
- ترقية المرجعية من دورية إلى نص تنظيمي/تشريعي منشور يحدّد الإجراءات وضمانات السلامة.
- تدقيق المعايير التقنية لاختبار السرعة وطرق الاستدلال على التعديل غير القانوني.
- مرحلة انتقالية لتسوية الوضعيات وتفادي الأثر المفاجئ على المهن المرتبطة بالدراجات.